من أحلام الطفوله إلى تطوير المدن
من أحلام الطفوله إلى تطوير المدن
هل تساءلت يومًا كيف يمكن لتصميم المباني و الطرقات أن يؤثر على حياتك اليومية؟
كيف أن المدن ليست مجرد مساحات نعيش فيها، بل بيئات حية تشكل تجربتنا الإنسانية بأكملها؟
منذ صغري، كنت أحمل أحلامًا كبيرة تتعلق بالمدن و كان سؤالي الطفولي : “كيف فيني خلي كل الناس اللي حولي سعيدين ؟”
و يشاء القدر ان تكون دراستي الهندسة المعمارية واستمر بالدراسات العليا لأختص بتخطيط و تطوير المدن، كانت لدي رؤية واضحة و هي: أريد أكون جزءًا من التغيير الذي يرفع من جودة حياة الناس. ولكن سرعان ما أدركت أن الأمر يتجاوز المباني الجميلة أو التخطيط المتقن: إنه عن فهم الروح التي تسكن هذه المدن.
كان بحثي العلمي هو تأثير نمط حياة السكان على تطوير المدن.
لم يكن البحث مجرد استقصاء عن معلومات للوصول إلى النتائج و تدوينها بل رحلة شخصية مليئة بالاكتشافات، حيث أجريت مقابلات مع أشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة: مغتربون يبحثون عن موطن جديد، وسكان محليون عاشوا في مدنهم لسنوات، كل واحد منهم كان يحمل قصة، مليئة بالتحديات والأحلام.
كل لقاء أجريته كان يفتح لي أفقًا جديدة: تعلمت من الموظفين المحليين، المسؤولين و السياسين، وحتى سكان الأحياء العادية، كيف أن قرارًا بسيطًا في التخطيط الحضري يمكن أن يغير مسار حياة شخص أو مجتمع بأكمله.
بدأت أرى أن الهندسة المعمارية ليست مجرد هياكل جامدة، بل هي جسور تمتد بين أحلام الناس وواقعهم.
من هنا توصلت إلى قناعة عميقة: “تخطيط المدن يجب أن يكون انعكاسًا لثقافة واحتياجات سكانها، لا يمكن للمدن أن تكون ناجحة إلا إذا كانت تعكس القيم الإنسانية لمن يعيشون فيها”.
عندما نخلق مدنًا تعزز الأنماط الإيجابية للحياة، فإننا لا نعيد تشكيل شوارع المدينة فحسب، بل نعيد تشكيل التجربة الإنسانية بأكملها.
هذه الرؤية لم تكن مجرد نظرية، بل أصبحت قناعة راسخة لدي و على اساسها تم تعيني كمهندسه تخطيط مدن بالقطاع الحكومي بألمانيا بأكثر من ولاية و كنت المسؤولة المباشره عن اعادة تنظيم أكثر من مدينه رغم صغر سني آنذاك و لكن شغفي في التطوير و فضل من الله كان كفيل لأبدأ مشواري المهني بهذه المسؤوليه.
اليوم، أنا متحمسة أكثر من أي وقت مضى لتطبيق هذه الأفكار في مشاريعي المستقبلية في الدول العربيه و أؤمن أن كل تصميم يجب أن يتحدث بلغة سكانه، وأن لكل مدينة قصتها الفريدة التي تستحق أن تُروى.
في أكاديمية رشا عبدالله للتمكين والتطوير، أركز على دعم الشباب والشابات الذين يسعون لتحقيق أحلامهم في مجالات الهندسة، التنمية الشخصية، والابتكار، أساعدهم في ترتيب أفكارهم، ومواجهة التحديات النفسية والمهنية التي تعترض طريقهم، لأننا جميعًا نملك القدرة على إعادة تشكيل مجتمعاتنا ومدننا وفق قيمنا واحتياجاتنا.
دعونا نصنع معًا مدنًا تحفز الإبداع
وتعزز الانتماء.
ليكن شعارنا المدن ليست مجرد أماكن نعيش فيها، بل هي قصص نكتبها بأيدينا، ونرويها للعالم.