الله يُبدع من خلالنا: نحن صدى الإبداع الإلهي في الكون
الله يُبدع من خلالنا: نحن صدى الجمال الإلهي في الكون
في عمق هذا الوجود، تتجلى أنفاس الإبداع الإلهي في كل شيء يحيط بنا، في انسياب الماء، في همس الرياح، في تناسق النجوم، وحتى في نبض أرواحنا. نحن لسنا مجرد شهود على هذا الإبداع، بل نحن امتداده، صدى النور الذي يتجسد في الفكر والفعل، في الحلم والخلق.
نحن لسنا منفصلين عن هذا الجمال الكوني، بل نحمل بصمة الخالق في داخلنا. الله يبدع من خلال كل واحد منا، يمنحنا القدرة على أن نكون أكثر من مجرد كائنات عابرة، أن نكون رسائل للنور، وسفراء للإبداع، وصناعًا للجمال في الأرض.
الإبداع: رسالة السماء إلى الأرض
حين نبدع، فإننا لا نخلق من العدم، بل نرتبط بذلك النهر الإلهي المتدفق، الذي لا ينضب أبدًا. كل فكرة تلهمنا، كل عمل نحمله بين أيدينا، كل لحظة يشرق فيها الجمال في أرواحنا، ليست سوى ومضات من نور الله فينا.
الله، الخالق الأعظم، لم يتوقف عن الإبداع يومًا. بل زرع فينا شعلته، لكي نستمر في رسم لوحته الكبرى(لوحة الحياة). حين نكتب، حين نغني، حين نبتكر، حين نحلم، نحن لا نفعل ذلك وحدنا، بل نُكمل لحنًا بدأ منذ الأزل، نعزف نغمته بقلوبنا وأعمالنا.
كيف يبدع الله من خلالنا؟
في اللحظات التي نشعر فيها بالإلهام، حين نجد أنفسنا نخلق شيئًا من العدم، أو نرى حلولًا لم تكن مرئية، هناك الله. إنه في الرؤية التي تنبثق في عقولنا، في الكلمات التي تتدفق بلا جهد، في الفكرة التي تبدو وكأنها ليست منا بل زرعت فينا.
وجود الله فينا ليس فكرة رمزية، بل هو حقيقة متجسدة. إنه المحرك الذي يدفعنا نحو الخير، نحو البناء، نحو التجديد. إنه القوة التي تمنحنا الشجاعة لنتجاوز مخاوفنا، لنرسم، لنكتب، لنُعلم، لنُحب، لنُشارك. لأننا عندما نُبدع، فإننا لا نخلق وحسب، بل نكشف الستار عن جزء من الجمال الإلهي الساكن فينا.
نحن رسل الحب والإبداع الإلهي
الله هو أصل المحبة، وعندما نقدم شيئًا بحب، نصبح امتدادًا لهذا الحب. ليست الأعمال العظيمة وحدها هي التي تخلد الإبداع الإلهي، بل أيضًا تلك اللمسات الصغيرة التي نرسمها في حياة من حولنا: ابتسامة صادقة، كلمة دعم، يد تمتد للمساعدة، أو حتى شغف يتقد في أعيننا نحو حلم نحاول تحقيقه.
الإبداع ليس مجرد موهبة تُمنح للبعض، بل هو طاقة أصيلة تسري فينا جميعًا. نحن نحمل في داخلنا أدوات الخلق، كلٌ بطريقته، سواء عبر الفن، العلم، الحكمة، الرحمة، أو ببساطة في طريقة وجودنا في هذا العالم. لأن كل فعل نابض بالحب، كل فكرة تُنير دربًا، كل لحظة وعي تعيد تشكيل واقعنا، هي جزء من الرحلة الإلهية الكبرى نحو الجمال.
في كل واحد منا شعلة نور إلهية
حين نبدع، حين نشعر بذلك الاتصال العميق مع ما نصنع، نحن نقترب من الله أكثر. نشعر وكأن نورًا خفيًا يتدفق فينا، وكأن أرواحنا تتصل بمصدرها الأول. لأننا لسنا نحن من نُبدع وحدنا، بل نحن الذين نفتح الباب لكي يتجلى الإبداع الإلهي من خلالنا.
ولذلك، لا يوجد إبداع ناقص، ولا فكرة بلا قيمة، ولا موهبة بلا معنى. لأن كل تعبير عن الجمال هو امتداد للإبداع الأول، كل لون نضيفه للعالم، كل كلمة تُقال بصدق، كل لمسة حب، هي انعكاس لروح الله فينا.
الكون… قصيدة يكتبها الله وما زال يكتبها بنا
انظر حولك؛ كل شيء جزء من هذه القصيدة الكبرى. الأشجار ترسم كلماتها بالأوراق، الأنهار تكتبها بالجريان، والنجوم تنثرها ضوءًا في ظلام السماء. لكن الله لم يتوقف عن الكتابة، بل جعلنا نحن جزءًا من هذه القصيدة.
كل فكرة جديدة، كل رؤية لم تُرَ من قبل، كل لحظة حب تُضيء طريقًا، كل تغيير صغير يحدث في العالم، هو استمرار لهذه الكتابة. نحن كلمات الله المتجددة، أصواته التي تعيد تشكيل الكون، أنغامه التي تخلق من الفوضى لحنًا خالدًا.
حين نفهم أن الله يبدع من خلالنا، يتغير كل شيء
لم نُخلق لنكون مجرد مشاهدين في هذا العالم، بل لنكون مبدعين، صانعين، حالمين. الله لم يضع فينا شرارة الإبداع عبثًا، بل لكي نُكمل رسالة الجمال التي بدأها.
فكل لحظة نُبدع فيها، نحن لا نُضيف شيئًا جديدًا فقط، بل نعيد اكتشاف مَن نحن، نعيد الاتصال بمصدرنا، وننثر في الكون ذرات من النور الإلهي الذي يسكن في أرواحنا.
حين تُبدع، أنت لا تفعل ذلك وحدك… بل أنت تُكمل قصيدة الله.