الوهم والحقيقة: كيف نحدد الطريق الصحيح في الدراسة والعمل؟
الوهم والحقيقة: كيف نحدد الطريق الصحيح في الدراسة والعمل؟
هل سبق لك و شعرت بأنك تركض بسرعة، فقط لتكتشف في النهاية أنك كنت تركض في الاتجاه الخاطئ. الكثيرون يمرون بهذه اللحظه، عندما يعتقدون أنهم يسيرون على الطريق الصحيح، فقط ليجدوا أنفسهم في مكان لا يشبه أحلامهم. نحن نتخذ قرارات حاسمة بشأن حياتنا المهنية أو الدراسية، معتقدين أننا نعرف ما هو الأفضل لنا، لكن في النهاية قد نجد أننا اخترنا بناءً على ضغوط خارجية، أو بناءً على ما يبدو مناسبًا وليس ما يناسب حقيقتنا.
اليوم، نرى العديد من الشباب والنساء يقفون أمام مفترق طرق؛ يسألون: “ما الذي يجب أن أدرسه؟” أو “أين يمكنني أن أجد وظيفة تضمن لي مستقبلًا مستقرًا؟” السؤال يبدو بسيطًا، لكن الإجابة قد تحمل في طياتها أكبر تحدٍ في الحياة. أحيانًا، ننجرف وراء الفرص المتاحة أو ما يبدو مأمونًا دون أن نتوقف ونسأل أنفسنا: “هل هذا حقًا ما أريده؟ هل هذا ما أنا مبدع فيه؟ وهل هذا يعبر عن رسالتي في الحياة؟ أين هي المشكله؟
نحن نعيش في زمن تتحكم فيه السرعة؛ سرعة في اتخاذ القرارات، وسرعة في الوصول إلى ما نعتقد أنه النجاح. نرى الكثير من الأشخاص يندفعون نحو خيارات دراسية أو مهنية لأنها الأكثر رواجًا، أو لأنها تضمن لهم وظيفة، فقط ليدركوا بعد سنوات من الجهد والعمل أنهم كانوا يطاردون سرابًا. لقد ركضوا، وركضوا، دون أن يتوقفوا لحظة للتفكير: “هل هذا المسار المناسب لي؟
النتيجة هي أن الكثيرين يجدون أنفسهم في مهن لا تعبر عنهم ولا تلبي شغفهم. على سبيل المثال، قد تجد طالبًا يختار دراسة الهندسة لأن هذا المجال يُعتبر ذو دخل مرتفع، لكنه سرعان ما يكتشف بعد التخرج أنه لا يجد الشغف في التصميم أو الحلول التقنية. هذا الشعور بالوهم قد يقود إلى الإحباط، وفقدان الحافز للعمل والتطور.
التحديات والضغوط!
من أهم الأسباب التي تجعل الشباب والشابات يتخذون قرارات غير متناسبة مع شغفهم الشخصي هي :
١-ضغط المجتمع والعائلة: على سبيل المثال، قد تجد فتاة ترغب في دراسة الفنون أو الأدب، ولكن ضغوط العائلة تدفعها نحو دراسة الطب أو القانون باعتبارهما “مضمونين”. نتيجة لذلك، تكتشف بعد سنوات أنها تعيش حياة لا تعبر عن رغباتها الحقيقية، وتفقد الشعور بالرضا.
٢-سوق العمل المتغير: نرى الكثيرين يختارون مجالات بناءً على ما هو مطلوب في سوق العمل اليوم، كالتكنولوجيا أو البرمجة. ورغم أن هذه المجالات تحمل فرصًا كبيرة، إلا أن بعضهم قد يدرك لاحقًا أنه لا يجد الإبداع أو المتعة في كتابة الأكواد أو العمل خلف الشاشات لساعات طويلة، مما قد يؤدي إلى الشعور بالملل والإحباط.
٣-غياب التوجيه الشخصي: عندما يفتقر الفرد إلى التوجيه السليم، قد يسلك طريقًا لا يتناسب مع شخصيته أو قدراته خذ مثالًا لشاب يقرر دخول عالم إدارة الأعمال لمجرد أن الأصدقاء أو الأقارب يعتبرونه مجالًا مربحًا، لكنه بعد فترة قصيرة يجد نفسه غير قادر على المنافسة في سوق يتطلب منه سمات ليست موجودة لديه مثل الجرأة في اتخاذ المخاطر أو القدرة على القيادة
الحل هو
٤-البحث عن الرسالة والشغف:
لعل أهم ما يجب على الشباب و الشابات التفكير فيه عند اختيار مجالات دراستهم أو عملهم هو أن يسألوا أنفسهم: ما هي رسالتي في الحياة؟ ما الذي أستمتع به؟ وما الذي يمكنني أن أبدع فيه؟ هذه الأسئلة ليست سطحية، بل هي المفتاح لفهم ما يناسبنا فعلًا.
٥-التعرف على القدرات الشخصية:
يجب على الفرد أن يكتشف نقاط قوته وضعفه، ليتمكن من اتخاذ قرار يتوافق مع قدراته. على سبيل المثال، ستيف جوبز، مؤسس شركة “آبل”، ترك الجامعة لأنه أدرك أن ما كان يدرسه لا يتناسب مع شغفه الحقيقي. بدأ بعدها في استكشاف مجالات التصميم والتكنولوجيا، ليصبح لاحقًا من أعظم المبدعين في عالم التكنولوجيا.
٦-الاستكشاف قبل القرار:
قبل اتخاذ قرار الدراسة أو العمل، من الجيد أن يخوض الشخص تجارب مختلفة. قد يلتحق أحدهم بتدريب عملي قصير في مجال ما ليكتشف أنه غير مهتم حقًا بالعمل المكتبي، بينما يجد نفسه أكثر انغماسًا في مجالات إبداعية أخرى كالتصميم الجرافيكي أو التصوير.
٧-التوازن بين الرغبة والواقعية:
النجاح الحقيقي يكمن في إيجاد توازن بين ما نرغب في تحقيقه وبين ما هو واقعي. على سبيل المثال، شاب يحب الموسيقى ولكنه يعلم أن هذا المجال صعب جدًا من ناحية تأمين دخل ثابت. بإمكانه أن يعمل على تطوير مهاراته في مجال آخر يمكن أن يضمن له دخلًا ثابتًا، وفي نفس الوقت يبقي شغفه بالموسيقى حيًا كهواية أو مشروع جانبي.
ماأريد مشاركته معكم:
الحياة ليست مجرد سباق للوصول إلى النجاح المالي أو المكانة الاجتماعية. النجاح الحقيقي هو عندما يكون ما نفعله متوافقًا مع ما نحن عليه في الداخل.